فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: أبحرت يوم أمس، أول سفينة مساعدات إنسانية إسبانية من ميناء لارنكا في قبرص متجهة صوب قطاع غزة الذي تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عليه حربا دامية ومدمرة منذ 159 يوما.
تعتبر التجربة، الأولى كممر بحري جديد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يعاني حرب تجويع وسط إغلاق كافة المعابر البرية، وسط شكوك بشأن جدوى هذا الممر البحري الذي تديره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في ظل عدم وجود بنية تحتية لميناء في غزة في الوقت الحالي.
ويأتي ذلك بعدما منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر المعابر البرية واستهدفت قوافل المساعدات الإنسانية في أكثر من مرة، في ظل حرب تجويع تمارس ضد المدنيين الذين نزح أكثر من 90% منهم جراء الحرب الإسرائيلية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، أن الممر البحري فكرة إسرائيلية بالأساس، حتى جاءت الإدارة الأمريكية وطرحت الموضوع، ثم تبين أن الفكرة طرحت من قبل الاحتلال الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية.
وقال عرابي لـ "شبكة قُدس"، إن هدف هذه الفكرة في الوقت الراهن وخلال الحرب، هو تجميل صورة الحرب، بالتزامن مع استمرارها وإطالة أمدها مع تحسين الوضع الإنساني.
وأوضح: ما يراد هو وجود ممر بحري مع تدفق المساعدات الإنسانية على قطاع غزة من أجل التخفيف من الآثار الأخلاقية والإنسانية والإعلامية الكارثية على الاحتلال الإسرائيلي بسبب ممارساته التي تنتهك القوانين الدولية.
ووفق عرابي، فإن هناك هدفا آخر من هذا الممر، وهو ترتيب مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، حيث ستكون مطروحة قضية الحصار بالجملة في وقت لاحق، وقد تطرح فكرة تنفيذ الميناء ووجود ممر بحري تسيطر عليه قوات الاحتلال، التي تسعى لهندسة
المشهد داخل قطاع غزة اجتماعيا واقتصاديا وإداريا وسياسيا من هذه اللحظة، ويدخل موضوع الممر البحري ضمن هذا السياق، وسط توقعات بأن يتم تضمين هذا الممر البحري إلى بعض الدول الخليجية التي لديها استعداد لتمويل مشاريع من هذا النوع مثل الإمارات.
وذكر عرابي، أن واشنطن تحرص على تحسين صورتها بعدما انخرطت في هذه الحرب إلى حد بعيد إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي وهناك حسابات انتخابية بالنسبة لبايدن وحسابات عامة بالنسبة للولايات المتحدة كدولة مهيمنة لها استحقاقات.
من جانبه، قال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إنه رغم انطلاق السفينة من ميناء لارنكا إلا أن هناك ضعفا فيما يتعلق بجهود إغاثة الفلسطينيين في غزة وبقائها دون الحد الأدنى أمام الكارثة الإنسانية وحرب التجويع.
وأشار، إلى أن حمولة السفينة لا تزيد عن حمولة شاحنتين وستستغرق أياما، دون وجود أي تفاصيل عن كيف ستصل شواطئ غزة، فضلا عن إخضاعها للتدقيق من قبل قوات الاحتلال، بحيث تصبح جدوى هذه الآلية محل نظر.
وطالب بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإدخال قوافل المساعدات برا وعبر المنافذ المعروفة كرفح وكرم أبو سالم أو تفعيل معابر المنطار والشجاعية وبيت حانون.
وفي وقت سابق، قوبل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بخصوص الممر البحري، بتشكيك وانتقادات قال البعض إن الخطوة الأميركية تصرف الانتباه عن الأزمة الحقيقية في غزة، وسط التأكيدات بأن لا غنى عن المعابر البرية لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
ويأتي ذلك وسط تساؤلات عن اللجوء إلى استخدام ممر بحري، تحتاج السفن فيه إلى أيام للوصول إلى غزة، في حين باستخدام المعابر البرية يستغرق وصول الشاحنات بضع ساعات فقط.
ونقلا عن مصادر صحفية، فإن هناك خيارين محتملين لإيصال هذه السفينة إلى قطاع غزة، أولهما هو إلقاء المساعدات في مياه البحر وجعلها تصل إلى الشواطئ من خلال أمواج البحر، أما الخيار الثاني فيتمثل بانطلاق بعض القوارب التابعة لمنظمة المطبخ العالمي من شواطئ قطاع غزة نحو السفينة ومن ثم نقل المساعدات إلى القطاع.
وذكرت، أن البحرية الإسرائيلية سترافق هذه السفينة، مشيرة إلى أن هناك تعتيما شديدا بخصوص معلومات السفينة، وسط ترجيحات بأن قبرص تريد أن تكون لاعبا مهما في موضوع إعادة الإعمار في قطاع غزة.
ماذا نعرف عن الممر البحري لارنكا- غزة؟
تعتبر قبرص أقرب دول الاتحاد الأوروبي إلى قطاع غزة، وتقع على بعد نحو 370 كيلومترا، ويعد ميناء لارنكا وهي مدينة ساحلية في جنوب قبرص من النقاط البحرية المهمة في البحر الأبيض المتوسط.
غادرت السفينة التي تحمل نحو 200 طن من الغذاء إلى غزة من ميناء لارنكا في قبرص في وقت مبكر منذ أمس الثلاثاء في مشروع "تجريبي" لفتح طريق بحري جديد لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع، حيث تستغرق الرحلة نحو 50 ساعة متواصلة.
وتتولى منظمة وورلد سنترال كيتشن "World Central Kitchen" الخيرية، تنظيم المهمة، وهي منظمة غير ربحية، مقرها في الولايات المتحدة، وتعرّف ذاتها على أنها أول المستجيبين لتقديم وجبات طازجة في الأزمات الإنسانية والمناخية والمجتمعية.
وجمعت المنظمة 500 طن إضافي من المساعدات في قبرص على أن يتم إرسالها هي الأخرى في وقت لاحق لقطاع غزة، كما تعمل المنظمة بالتعاون مع شركائها في غزة، على بناء رصيف للمراكب الصغيرة ستستخدمه لتفريغ المساعدات.
وبحسب ما نقله موقع "كالكاليست" الإسرائيلي عن مسؤول سياسي تحدث بأنه من الممكن أن يصبح الرصيف المؤقت فيما بعد ميناء دائماً، وأن للاحتلال الإسرائيلي مصلحة في خلق وضع تدخل فيه المساعدات الإنسانية إلى الاحتلال عبر اليونان أو قبرص.